حذرا من الوقوع في مضرّة ترك الواجب ، وترك ما ظنّ حرمته لذلك ، كما يقتضيه قاعدة دفع الضرر ، فلا ريب في استقلال العقل وبداهة حكمه بعدم الضرر في ذلك أصلا وإن كان ذلك في الظنّ القياسيّ.

الأولى في المناقشة في الجواب الثالث

وحينئذ (١) : فالأولى لهذا المجيب أن يبدّل دعوى الضرر في العمل بتلك الأمارات المنهيّ عنها بالخصوص بدعوى : أنّ في نهي الشارع عن الاعتناء بها وترخيصه في مخالفتها ـ مع علمه بأنّ تركها ربما يفضي إلى ترك الواجب وفعل الحرام ـ مصلحة يتدارك بها الضرر المظنون على تقدير ثبوته في الواقع ، فتأمّل.

وسيجيء تمام الكلام عند التكلّم في الظنون المنهيّ عنها بالخصوص ، وبيان كيفيّة عدم شمول أدلّة حجّيّة الظنّ لها إن شاء الله تعالى (٢).

الأولى في الجواب عن الوجه الأوّل

فالأولى أن يجاب عن هذا الدليل :

إن إريد من الضرر العقاب

بأنّه إن اريد من الضرر المظنون العقاب ، فالصغرى ممنوعة ؛ فإنّ استحقاق العقاب على الفعل أو الترك ـ كاستحقاق الثواب عليهما ـ ليس ملازما للوجوب والتحريم الواقعيّين ؛ كيف وقد يتحقّق التحريم ونقطع بعدم العقاب في الفعل ، كما في الحرام والواجب المجهولين جهلا بسيطا أو مركّبا ، بل استحقاق الثواب والعقاب إنّما هو على تحقّق الإطاعة والمعصية اللتين لا تتحقّقان إلاّ بعد العلم بالوجوب والحرمة أو الظنّ المعتبر بهما ، وأمّا الظنّ المشكوك الاعتبار فهو كالشكّ ، بل هو هو ؛ بعد ملاحظة أنّ من الظنون ما أمر الشارع بإلغائه ويحتمل أن يكون

__________________

(١) لم ترد «وحينئذ» في (ظ) و (م).

(٢) انظر الصفحة ٥١٦ وما بعدها.

۶۴۸۱