بما كان مشتملا على منفعة وخاليا عن أمارة المفسدة ؛ فإنّ هذا التقييد يكشف عن أنّ ما فيه أمارة المضرّة لا نزاع في قبحه ، بل الأقوى ـ كما صرّح به الشيخ في العدّة في مسألة الإباحة والحظر (١) ، والسيّد في الغنية (٢) ـ : وجوب دفع الضرر المحتمل ، وببالي أنّه تمسّك في العدّة بعد العقل بقوله تعالى : ﴿وَلا تُلْقُوا ... الخ (٣).

ثمّ إنّ ما ذكره : من ابتناء الكبرى على التحسين والتقبيح العقليّين ، غير ظاهر ؛ لأنّ تحريم تعريض النفس للمهالك والمضارّ الدنيويّة والاخرويّة ممّا دلّ عليه الكتاب والسنّة ، مثل التعليل في آية النبأ (٤) ، وقوله تعالى : ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ(٥) ، وقوله تعالى : ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ(٦) بناء على أنّ المراد العذاب والفتنة الدنيويّان ، وقوله تعالى : ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً(٧) ، وقوله تعالى : ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ(٨) ، وقوله تعالى : ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا

__________________

(١) العدّة ٢ : ٧٤٢ و ٧٤٧.

(٢) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٤٧٦ ـ ٤٧٧.

(٣) ليس في العدّة في البحث المذكور تمسّك بالآية المذكورة ، نعم استدلّ بها فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ٢ : ٢٥٦ ، والآية من سورة البقرة : ١٩٥.

(٤) الحجرات : ٦.

(٥) البقرة : ١٩٥.

(٦) النور : ٦٣.

(٧) الأنفال : ٢٥.

(٨) آل عمران : ٢٨.

۶۴۸۱