وأمّا ما اخترته من المذهب فهو : أنّ خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة وكان ذلك مرويّا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو عن أحد الأئمّة عليهم‌السلام وكان ممّن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ولم يكن هناك قرينة تدلّ على صحّة ما تضمّنه الخبر ـ ؛ لأنّه إذا كان هناك قرينة تدلّ على صحّة ذلك كان الاعتبار بالقرينة ، وكان ذلك موجبا للعلم كما تقدّمت القرائن ـ ، جاز العمل به.

دعوى الشيخ الطوسي الإجماع على حجيّة الخبر الواحد

والذي يدلّ على ذلك : إجماع الفرقة المحقّة ؛ فإنّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودوّنوها في اصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون ، حتّى أنّ واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه ، سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه ، سكتوا وسلّموا الأمر وقبلوا قوله.

هذه عادتهم وسجيّتهم من عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن بعده من الأئمّة صلوات الله عليهم إلى زمان جعفر بن محمّد عليه‌السلام الذي انتشر عنه العلم وكثرت الرواية من جهته ، فلو لا أنّ العمل بهذه الأخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك ؛ لأنّ إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو.

والذي يكشف عن ذلك : أنّه لمّا كان العمل بالقياس محظورا عندهم في الشريعة لم يعملوا به أصلا ، وإذا شذّ منهم واحد و (١) عمل به في بعض المسائل أو استعمله على وجه المحاجّة لخصمه وإن لم يكن اعتقاده ، ردّوا قوله وأنكروا عليه وتبرّءوا من قوله ، حتّى أنّهم يتركون

__________________

(١) «و» من (ه).

۶۴۸۱