فاتّفاقهم عذاب؟! ليس هذا يراد ، إنّما يراد الاختلاف في طلب العلم ، على ما قال الله عزّ وجلّ : ﴿فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ» (١) ، الحديث منقول بالمعنى ولا يحضرني ألفاظه.

وجميع هذا هو السرّ في استدلال أصحابنا بالآية الشريفة على وجوب تحصيل العلم وكونه كفائيّا.

هذا غاية ما قيل أو يقال في توجيه الاستدلال بالآية الشريفة.

المناقشة في الاستدلال بهذه الآية من وجوه

لكنّ الإنصاف : عدم جواز الاستدلال بها من وجوه :

الأوّل : أنّه لا يستفاد من الكلام إلاّ مطلوبيّة الحذر عقيب الإنذار بما يتفقّهون في الجملة ، لكن ليس فيها إطلاق وجوب الحذر ، بل يمكن أن يتوقّف وجوبه على حصول العلم ، فالمعنى : لعلّه يحصل لهم العلم فيحذروا ، فالآية مسوقة لبيان مطلوبيّة الإنذار بما يتفقّهون ، ومطلوبيّة العمل من المنذرين بما انذروا ، وهذا لا ينافي اعتبار العلم في العمل ؛ ولهذا صحّ ذلك فيما يطلب فيه العلم.

فليس في هذه الآية تخصيص للأدلّة الناهية عن العمل بما لم يعلم ؛ ولذا استشهد الإمام ـ فيما سمعت من الأخبار المتقدّمة (٢) ـ على وجوب النفر في معرفة الإمام عليه‌السلام وإنذار النافرين للمتخلّفين ، مع أنّ الإمامة لا تثبت إلاّ بالعلم.

الثاني : أنّ التفقّه الواجب ليس إلاّ معرفة الامور الواقعيّة من الدين ، فالإنذار الواجب هو الإنذار بهذه الامور المتفقّه فيها ، فالحذر

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ١٠١ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٠.

(٢) في نفس هذه الصفحة والصفحتين السابقتين.

۶۴۸۱