أوّلا : إنّه ليس في صدر الآية دلالة على أنّ المراد النفر إلى الجهاد ، وذكر الآية في آيات الجهاد لا يدلّ على ذلك.

وثانيا : لو سلّم أنّ المراد النفر إلى الجهاد ، لكن لا يتعيّن أن يكون النفر من كلّ قوم طائفة لأجل مجرّد الجهاد ؛ بل لو كان لمحض الجهاد لم يتعيّن أن ينفر من كلّ قوم طائفة ، فيمكن أن يكون التفقّه غاية لإيجاب النفر على طائفة من كلّ قوم ، لا لإيجاب أصل النفر.

ظهور الآية في وجوب التفقّه والإنذار

وثالثا : إنّه قد فسّر الآية بأنّ المراد نهي المؤمنين عن نفر جميعهم إلى الجهاد (١) ؛ كما يظهر من قوله : ﴿وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً(٢) ، وأمر بعضهم بأن يتخلّفوا عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يخلّوه وحده ، فيتعلّموا مسائل حلالهم وحرامهم حتّى ينذروا قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم.

ظهور الآية في وجوب التفقّه والإنذار

والحاصل : أنّ ظهور الآية في وجوب التفقّه والإنذار ممّا لا ينكر ، فلا محيص عن حمل الآية عليه وإن لزم مخالفة الظاهر في سياق الآية أو بعض ألفاظها.

الأخبار التي استشهد فيها الإمام عليه‌السلام بآية «النفر» على وجوب التفقّه

وممّا يدلّ على ظهور الآية في وجوب التفقّه والإنذار : استشهاد الإمام بها على وجوبه في أخبار كثيرة.

منها : ما عن الفضل بن شاذان في علله ، عن الرضا عليه‌السلام في حديث ، قال :

__________________

(١) فسّره بذلك الشيخ الطبرسي في مجمع البيان ٣ : ٨٣.

(٢) التوبة : ١٢٢.

۶۴۸۱