المناقشة في كلام الحلي قدس‌سره

ولا يخفى : أنّ إخباره بإجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبنيّ على الحدس والاجتهاد من وجوه :

أحدها : دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به. وهذا وإن كان غالبيّا إلاّ أنّه لا يوجب القطع ؛ لمشاهدة التخلّف كثيرا.

الثاني : تماميّة دلالة تلك الأخبار عند اولئك على الوجوب ؛ إذ لعلّهم فهموا منها بالقرائن الخارجيّة تأكّد الاستحباب.

الثالث : كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عند اولئك ؛ لأنّ وثوق الحلّي بالرواة لا يدلّ على وثوق اولئك.

مع أنّ الحلّي لا يرى جواز العمل بأخبار الآحاد وإن كانوا ثقات ، والمفتي إذا استند فتواه إلى خبر واحد ، لا يوجب اجتماع أمثاله القطع بالواقع ، خصوصا لمن يخطّئ العمل بأخبار الآحاد.

وبالجملة : فكيف يمكن أن يقال : إنّ مثل هذا الإجماع إخبار عن قول الإمام عليه‌السلام ، فيدخل في الخبر الواحد؟ مع أنّه في الحقيقة اعتماد على اجتهادات الحلّي مع وضوح فساد بعضها ؛ فإنّ كثيرا ممّن ذكر أخبار المضايقة قد ذكر أخبار المواسعة أيضا (١) ، وأنّ المفتي إذا علم استناده إلى مدرك لا يصلح للركون (٢) إليه ـ من جهة الدلالة أو المعارضة ـ لا يؤثّر فتواه في الكشف عن قول الإمام عليه‌السلام.

وأوضح حالا في عدم جواز الاعتماد : ما ادّعاه الحلّي من الإجماع

__________________

(١) كالشيخ الصدوق في الفقيه ١ : ٣٥٨ ، و ٤٣٤ ، الحديث ١٠٣١ و ١٢٦٤ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٢ : ١٧١ و ٢٧٣ ، الحديث ٦٨٠ و ١٠٨٦.

(٢) في (ظ) و (ه) : «الركون».

۶۴۸۱