منشأ اختلاف الروايات

التي بأيدينا ، على ما توهّمه بعض الأخباريّين (١) ، أو الظنّ بصدور جميعها إلاّ قليلا في غاية القلّة ، كما يقتضيه الإنصاف ممّن اطّلع على كيفيّة تنقيح الأخبار وضبطها في الكتب ـ هو أن يقال : إنّ عمدة الاختلاف إنّما هي كثرة إرادة خلاف الظواهر في الأخبار إمّا بقرائن متّصلة اختفت علينا من جهة تقطيع الأخبار أو نقلها بالمعنى ، أو منفصلة مختفية من جهة كونها حاليّة (٢) معلومة للمخاطبين أو مقاليّة اختفت بالانطماس ، وإمّا بغير القرينة لمصلحة يراها الإمام عليه‌السلام من تقيّة ـ على ما اخترناه (٣) ، من أنّ التقيّة على وجه التورية ـ أو غير التقيّة من المصالح الأخر.

وإلى ما ذكرنا ينظر ما فعله الشيخ قدس‌سره ـ في الاستبصار (٤) ـ من إظهار إمكان الجمع بين متعارضات الأخبار ، بإخراج أحد المتعارضين أو كليهما عن ظاهره إلى معنى بعيد.

إرادة المحامل والتأويلات البعيدة في الأخبار

وربما يظهر من الأخبار محامل وتأويلات أبعد بمراتب ممّا ذكره

__________________

(١) انظر الفوائد المدنيّة : ٥٢ ـ ٥٣ ، هداية الأبرار : ١٧ ، والحدائق ١ : ١٧ وما بعدها.

(٢) في (ظ) بدل «حاليّة» : «خارجيّة».

(٣) راجع الصفحة ١٢٨.

(٤) فإنّه قدس‌سره جمع في الاستبصار بين الأخبار المتعارضة تبرّعا وإن لم يعتمد عليه حتّى يعمل به ، وغرضه بيان إمكان الجمع بين الأخبار المتعارضة ، حتّى لا يشنّع على الشيعة ، كما صرّح به في أوّل التهذيب : ٢ ـ ٤ ، انظر القوانين ٢ : ٢٧٨ ، والفصول : ٤٤١ ، ومناهج الأحكام : ٣١٣ ، وراجع الاستبصار ١ : ٣ ـ ٥.

۳۵۲۱