وهذه الكلمات وإن كانت محلّ الإيراد ؛ لعدم ثبوت قيام حكم الشارع بالنجاسة بجسم الكلب المشترك بين الحيوان والجماد ، بل ظهور عدمه ؛ لأنّ ظاهر الأدلّة تبعيّة الأحكام للأسماء ، كما اعترف به في المنتهى في استحالة الأعيان النجسة (١) ، إلاّ أنّها شاهدة على إمكان اعتبار (٢) موضوعيّة الذات المشتركة بين واجد الوصف العنوانيّ وفاقده ، كما ذكرنا في نجاسة الكلب بالموت ، حيث إنّ أهل العرف لا يفهمون نجاسة اخرى حاصلة بالموت ، ويفهمون ارتفاع طهارة الإنسان ، إلى غير ذلك ممّا يفهمون الموضوع فيه مشتركا بين الواجد للوصف العنوانيّ والفاقد.

الفرق بين نجس العين والمتنجّس عند الاستحالة

ثمّ إنّ بعض المتأخّرين (٣) فرّق بين استحالة نجس العين والمتنجّس ، فحكم بطهارة الأوّل لزوال الموضوع ، دون الثاني ؛ لأنّ موضوع النجاسة فيه ليس عنوان المستحيل ـ أعني الخشب مثلا ـ وإنّما هو الجسم ولم يزل بالاستحالة.

الإشكال في هذا الفرق

وهو حسن في بادئ النظر ، إلاّ أنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ؛ إذ لم يعلم أنّ النجاسة في المتنجّسات محمولة على الصورة الجنسيّة وهي الجسم ، وإن اشتهر في الفتاوى ومعاقد الإجماعات : أنّ كلّ جسم لاقى نجسا مع رطوبة أحدهما فهو نجس ، إلاّ أنّه لا يخفى على المتأمّل أنّ التعبير بالجسم لبيان (٤) عموم الحكم لجميع الأجسام الملاقية من حيث

__________________

(١) المنتهى ٣ : ٢٨٨.

(٢) لم ترد «اعتبار» في (ر).

(٣) هو الفاضل الهندي ، وتبعه جماعة ، كما سيأتي في الصفحة ٢٩٩.

(٤) في (ر) ، (ص) و (ظ) بدل «لبيان» : «لأداء».

۴۳۹۱