وأمّا إذا لم يثبت ذلك ، بل ثبت أنّ ذلك الحكم مستمرّ في الجملة ، ومزيله الشيء الفلانيّ ، وشككنا في أنّ الشيء الآخر أيضا يزيله أم لا؟ فحينئذ لا ظهور في عدم نقض الحكم وثبوت استمراره ؛ إذ الدليل الأوّل غير جاز فيه ؛ لعدم ثبوت حكم العقل في مثل هذه الصورة ، خصوصا مع ورود بعض الروايات الدالّة على عدم المؤاخذة بما لا يعلم. والدليل الثاني ، الحقّ أنّه لا يخلو من إجمال ، وغاية ما يسلّم منها ثبوت الحكم في الصورتين اللتين ذكرناهما ، وإن كان فيه أيضا بعض المناقشات ، لكنّه لا يخلو عن تأييد للدليل الأوّل ، فتأمّل.

فإن قلت : الاستصحاب الذي يدّعونه فيما نحن فيه وأنت منعته ، الظاهر أنّه من قبيل ما اعترفت به ؛ لأنّ حكم النجاسة ثابت ما لم يحصل مطهّر شرعيّ إجماعا ، وهنا لم يحصل الظنّ المعتبر شرعا بوجود المطهّر ؛ لأنّ حسنة ابن المغيرة وموثّقة ابن يعقوب (١) ليستا حجّة شرعيّة ، خصوصا مع معارضتهما بالروايات المتقدّمة ، فغاية الأمر حصول الشكّ بوجود المطهّر ، وهو لا ينقض اليقين (٢).

قلت : كونه من قبيل الثاني ممنوع ؛ إذ لا دليل على أنّ النجاسة باقية ما لم يحصل مطهّر شرعيّ ، وما ذكر من الإجماع غير معلوم ؛ لأنّ غاية ما أجمعوا عليه أنّ التغوّط إذا حصل لا يصحّ الصلاة (٣) بدون الماء والتمسّح رأسا ـ لا بالثلاثة ولا بشعب الحجر الواحد ـ فهذا الإجماع

__________________

(١) تقدّم تخريجهما في الصفحة ١٦٩ ، الهامش ١ و ٢.

(٢) في المصدر زيادة : «كما ذكرت فما وجه المنع؟».

(٣) في المصدر زيادة : «مثلا».

۴۳۹۱