المسألة في استمرار الحرمة لهذا الفعل وارتفاعها ، وإن كان مقتضى المداقّة العقليّة كون الزمان قيدا للفعل. وكذلك الإباحة والكراهة والاستحباب.

نعم قد يتحقّق في بعض الواجبات مورد لا يحكم العرف بكون الشكّ في الاستمرار ، مثلا : إذا ثبت في يوم وجوب فعل عند الزوال ، ثمّ شككنا في الغد أنّه واجب اليوم عند الزوال ، فلا يحكمون باستصحاب ذلك ، ولا يبنون على كونه ممّا شكّ في استمراره وارتفاعه ، بل يحكمون في الغد بأصالة عدم الوجوب قبل الزوال. أمّا لو ثبت ذلك مرارا ، ثمّ شكّ فيه بعد أيّام ، فالظاهر حكمهم بأنّ هذا الحكم كان مستمرّا وشكّ في ارتفاعه ، فيستصحب.

ومن هنا ترى الأصحاب يتمسّكون باستصحاب وجوب التمام عند الشكّ في حدوث التكليف بالقصر ، وباستصحاب وجوب العبادة عند شكّ المرأة في حدوث الحيض ، لا من جهة أصالة عدم السفر الموجب للقصر ، وعدم الحيض المقتضي لوجوب العبادة ـ حتّى يحكم بوجوب التمام ؛ لأنّه من آثار عدم السفر الشرعيّ الموجب للقصر ، وبوجوب العبادة ؛ لأنّه من آثار عدم الحيض ـ بل من جهة كون التكليف بالتمام وبالعبادة عند زوال كلّ يوم أمرا مستمرّا عندهم وإن كان التكليف يتجدّد يوما فيوما ، فهو في كلّ يوم مسبوق بالعدم ، فينبغي أن يرجع إلى استصحاب عدمه ، لا إلى استصحاب وجوده.

والحاصل : أنّ المعيار حكم العرف بأنّ الشيء الفلانيّ كان مستمرّا فارتفع وانقطع ، وأنّه مشكوك الانقطاع. ولو لا ملاحظة هذا التخيّل العرفيّ لم يصدق على النسخ أنّه رفع للحكم الثابت أو لمثله ؛ فإنّ عدم التكليف في وقت الصلاة بالصلاة إلى القبلة المنسوخة دفع في الحقيقة

۴۳۹۱