دليل الوجه الثاني

ومن : أنّ الواقع إذا كان في علم الله سبحانه غير ممكن الوصول إليه ، وكان هنا طريق مجعول مؤدّاه بدلا عنه ، فالمكلّف به هو مؤدّى الطريق دون الواقع على ما هو عليه ، فكيف يعاقب الله سبحانه على شرب العصير العنبي من يعلم أنّه لن (١) يعثر بعد الفحص على دليل حرمته؟

دليل الوجه الثالث

ومن : أنّ كلاّ من الواقع ومؤدّى الطريق تكليف واقعيّ ، أمّا إذا كان التكليف ثابتا في الواقع ؛ فلأنّه كان قادرا على موافقة الواقع بالاحتياط ، وعلى إسقاطه عن نفسه بالرجوع إلى الطريق الشرعيّ المفروض دلالته على نفي التكليف ، فإذا لم يفعل شيئا منهما فلا مانع من مؤاخذته.

وأمّا إذا كان التكليف ثابتا بالطريق الشرعيّ ، فلأنّه قد ترك موافقة خطاب مقدور على العلم به ؛ فإنّ أدلّة وجوب الرجوع إلى خبر العادل أو فتوى المجتهد يشمل العالم والجاهل القادر على المعرفة.

دليل الوجه الرابع

ومن : عدم التكليف بالواقع ؛ لعدم القدرة ، وبالطريق الشرعيّ ؛ لكونه ثابتا في حقّ من اطّلع عليه من باب حرمة التجرّي ، فالمكلّف به فعلا (٢) المؤاخذ على مخالفته : هو الواجب والحرام الواقعيّان المنصوب عليهما طريق ، فإذا لم يكن وجوب أو تحريم فلا مؤاخذة.

نعم ، لو اطّلع على ما يدلّ ظاهرا على الوجوب أو التحريم الواقعيّ مع كونه مخالفا للواقع بالفرض ، فالموافقة له لازمة من باب

__________________

(١) كذا في (ه) ومحتمل (ت) ، وفي غيرهما : «لم».

(٢) كذا في (ت) و (ظ) ، وفي (ر) زيادة : «الذي يكون».

۵۰۴۱