العالم به إجمالا. ومناط عدم المعذوريّة في المقامين هو : عدم قبح مؤاخذة الجاهل فيهما ، فاحتمال الضرر بارتكاب الشبهة غير مندفع بما يأمن معه من ترتّب الضرر.

ألا ترى : أنّهم حكموا باستقلال العقل بوجوب النظر في معجزة مدّعي النبوّة وعدم معذوريّته في تركه ، مستندين في ذلك إلى وجوب دفع الضرر المحتمل ، لا إلى أنّه شكّ في المكلّف به.

هذا كلّه ، مع أنّ في الوجه الأوّل ـ وهو الإجماع القطعيّ ـ كفاية.

ثمّ إنّ في حكم أصل البراءة كلّ أصل عمليّ خالف الاحتياط.

الأخذ بالبراءة مع ترك الفحص

بقي الكلام في حكم الأخذ بالبراءة مع ترك الفحص :

والكلام فيه : إمّا في استحقاقه العقاب ، وإمّا في صحّة العمل الذي اخذ فيه بالبراءة.

أمّا العقاب :

فالمشهور أنّ عقاب الجاهل المقصّر على مخالفة الواقع

فالمشهور : أنّه على مخالفة الواقع لو اتّفقت ، فإذا شرب العصير العنبيّ من غير فحص عن حكمه ، فإن لم يتّفق كونه حراما واقعا فلا عقاب ، ولو اتّفقت حرمته كان العقاب على شرب العصير ، لا على ترك التعلّم.

عدم العقاب مع عدم مخالفة الواقع

أمّا الأوّل ؛ فلعدم المقتضي للمؤاخذة ، عدا ما يتخيّل : من ظهور أدلّة وجوب الفحص وطلب تحصيل العلم في الوجوب النفسيّ.

وهو مدفوع : بأنّ المستفاد من أدلّته بعد التأمّل إنّما هو وجوب الفحص لئلاّ يقع في مخالفة الواقع ، كما لا يخفى.

أو ما يتخيّل : من قبح التجرّي ، بناء على أنّ الإقدام على ما لا يؤمن كونه مضرّة كالإقدام على ما يعلم كونه كذلك ، كما صرّح به

۵۰۴۱