حكومة أخبار البراءة على الدليل العقليّ المتقدّم لوجوب الاحتياط

ثمّ إنّه لو فرضنا عدم تماميّة الدليل العقليّ المتقدّم (١) ، بل كون العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الإجماليّ بالتكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر ، كانت هذه الأخبار كافية في المطلب حاكمة على ذلك الدليل العقليّ ؛ لأنّ الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان واجبا في الواقع ، فلا يقتضي العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل.

كلام صاحب الفصول في حكومة أدلّة الاحتياط على أخبار البراءة في المسألة

وقد توهّم بعض المعاصرين (٢) عكس ذلك وحكومة أدلّة الاحتياط على هذه الأخبار ، فقال : لا نسلّم حجب العلم في المقام ؛ لوجود الدليل في المقام ، وهي أصالة الاشتغال في الأجزاء والشرائط المشكوكة. ثمّ قال : لأنّ ما كان لنا إليه طريق في الظاهر لا يصدق في حقّه الحجب قطعا ؛ وإلاّ لدلّت هذه الرواية على عدم حجّية الأدلّة الظنّية ، كخبر الواحد وشهادة العدلين وغيرهما. ثمّ (٣) قال :

ولو التزم تخصيصها بما دلّ على حجّية تلك الطرق ، تعيّن تخصيصها ـ أيضا ـ بما دلّ على حجّية أصالة الاشتغال : من عمومات أدلّة الاستصحاب ، ووجوب المقدّمة العلميّة. ثمّ قال :

والتحقيق : التمسّك بهذه الأخبار على نفي الحكم الوضعي وهي الجزئيّة والشرطيّة (٤) ، انتهى.

__________________

(١) المتقدّم في الصفحة ٣١٨.

(٢) هو صاحب الفصول في الفصول.

(٣) «ثمّ» من (ص).

(٤) الفصول : ٥١.

۵۰۴۱