قطعيّا على عدم الوجود ، إلاّ أنّ في التعبير بعدم الوجدان دلالة على كفاية عدم الوجدان في إبطال الحكم بالحرمة.

المناقشة في الاستدلال

لكنّ الإنصاف : أنّ غاية الأمر أن يكون في العدول عن التعبير بعدم الوجود إلى عدم الوجدان إشارة إلى المطلب ، وأمّا الدلالة فلا ؛ ولذا قال في الوافية : وفي الآية إشعار بأنّ إباحة الأشياء مركوزة في العقل قبل الشرع (١).

مع أنّه لو سلّم دلالتها ، فغاية مدلولها كون عدم وجدان التحريم فيما صدر عن الله تعالى من الأحكام يوجب عدم التحريم ، لا عدم وجدانه فيما بقي بأيدينا من أحكام الله تعالى بعد العلم باختفاء كثير منها عنّا ، وسيأتي توضيح ذلك عند الاستدلال بالإجماع العمليّ على هذا المطلب (٢).

الاستدلال بآية «وما لكم»

ومنها : قوله تعالى : ﴿وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ (٣).

يعني مع خلوّ ما فصّل عن ذكر هذا الذي يجتنبونه.

ولعلّ هذه الآية أظهر من سابقتها ؛ لأنّ السابقة دلّت على أنّه لا يجوز الحكم بحرمة ما لم يوجد تحريمه فيما أوحى الله سبحانه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه تدل على أنّه لا يجوز التزام ترك الفعل مع عدم وجوده فيما فصّل وإن لم يحكم بحرمته ، فيبطل وجوب الاحتياط أيضا.

__________________

(١) الوافية : ١٨٦.

(٢) انظر الصفحة ٥٥ ـ ٥٦.

(٣) الأنعام : ١١٩.

۵۰۴۱