بأحدهما ، هو أنّ الشارع أوجب الأخذ بكلّ من الخبرين المفروض استجماعهما لشرائط الحجّية ، فإذا لم يمكن الأخذ بهما معا فلا بدّ من الأخذ بأحدهما ، وهذا تكليف شرعيّ في المسألة الاصوليّة غير التكليف المعلوم تعلّقه إجمالا في المسألة الفرعيّة بواحد من الفعل والترك ، بل ولو لا النصّ الحاكم هناك بالتخيير أمكن القول به من هذه الجهة ، بخلاف ما نحن فيه ؛ إذ لا تكليف إلاّ بالأخذ بما صدر واقعا في هذه الواقعة ، والالتزام به حاصل من غير حاجة إلى الأخذ بأحدهما بالخصوص.

ويشير إلى ما ذكرنا من الوجه : قوله عليه‌السلام في بعض تلك الأخبار : «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» (١). وقوله عليه‌السلام : «من باب التسليم» إشارة إلى أنّه لمّا وجب على المكلّف التسليم لجميع ما يرد عليه بالطرق المعتبرة من أخبار الأئمّة عليهم‌السلام ـ كما يظهر ذلك من الأخبار الواردة في باب التسليم لما يرد من الأئمّة عليهم‌السلام ، منها قوله : «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما يرويه عنّا ثقاتنا» (٢) ـ ، وكان التسليم لكلا الخبرين الواردين بالطرق المعتبرة المتعارضين ممتنعا ، وجب التسليم لأحدهما مخيّرا في تعيينه (٣).

ثمّ إنّ هذا الوجه وإن لم يخل عن مناقشة أو منع ، إلاّ أنّ مجرّد احتماله يصلح فارقا بين المقامين مانعا عن استفادة حكم ما نحن فيه

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٩.

(٢) الوسائل ١٨ : ١٠٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.

(٣) في (ت) و (ظ) بدل «تعيينه» : «نفسه».

۵۰۴۱