المضارّ الدنيويّة ـ فوجوب دفعه عقلا لو سلّم ، كما تقدّم من الشيخ وجماعة (١) ، لم يسلّم وجوبه شرعا ؛ لأنّ الشارع صرّح بحلّية ما (٢) لم يعلم حرمته ، فلا عقاب عليه ؛ كيف وقد يحكم الشرع بجواز ارتكاب الضرر القطعيّ الغير المتعلّق بأمر المعاد ، كما هو المفروض في الضرر المحتمل في المقام؟

تقرير التوهّم بوجه آخر والجواب عنه أيضا

فإن قيل : نختار ـ أوّلا ـ احتمال الضرر المتعلّق بامور الآخرة ، والعقل لا يدفع ترتّبه من دون بيان ؛ لاحتمال المصلحة في عدم البيان ووكول الأمر إلى ما يقتضيه العقل ، كما صرّح (٣) في العدّة (٤) في جواب ما ذكره القائلون بأصالة الإباحة : من أنّه لو كان هناك في الفعل مضرّة آجلة لبيّنها.

وثانيا : نختار المضرّة الدنيويّة ، وتحريمه ثابت شرعا ؛ لقوله تعالى : ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ(٥) ، كما استدلّ به الشيخ أيضا في العدّة (٦) على دفع أصالة الإباحة ، وهذا الدليل ومثله رافع للحلّية الثابتة بقولهم عليهم‌السلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» (٧).

__________________

(١) راجع الصفحة ٩٠.

(٢) في (ر) و (ص): «كلّما».

(٣) في (ر) زيادة : «به».

(٤) العدّة ٢ : ٧٤٢ ـ ٧٤٣.

(٥) البقرة : ١٩٥.

(٦) لم نعثر عليه في العدّة.

(٧) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.

۵۰۴۱