ثمّ إنّ الظنّ الغير المعتبر حكمه حكم الشكّ كما لا يخفى.

وجه تقديم الأدلّة على الاصول

وممّا ذكرنا : من تأخّر مرتبة الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي ـ لأجل تقييد موضوعه بالشكّ في الحكم الواقعي ـ يظهر لك وجه تقديم الأدلّة على الأصول ؛ لأنّ موضوع الاصول يرتفع بوجود الدليل ، فلا معارضة بينهما ، لا لعدم اتّحاد الموضوع ، بل لارتفاع موضوع الأصل ـ وهو الشكّ ـ بوجود الدليل.

ألا ترى : أنّه لا معارضة ولا تنافي بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هي الإباحة وبين كون حكم شرب التتن في نفسه مع قطع النظر عن الشكّ فيه هي الحرمة ، فإذا علمنا بالثاني ـ لكونه علميّا ، والمفروض (١) سلامته عن معارضة الأوّل ـ خرج شرب التتن عن موضوع دليل (٢) الأوّل وهو كونه مشكوك الحكم ، لا عن حكمه حتّى يلزم فيه تخصيص و (٣) طرح لظاهره.

أخصّية الأدلّة غير العلميّة من الاصول

ومن هنا كان إطلاق التقديم والترجيح في المقام تسامحا ؛ لأنّ الترجيح فرع المعارضة. وكذلك إطلاق الخاصّ على الدليل والعامّ على الأصل ، فيقال : يخصّص الأصل بالدليل ، أو يخرج عن الأصل بالدليل.

ويمكن أن يكون هذا الاطلاق على الحقيقة بالنسبة إلى الأدلّة الغير العلميّة ، بأن يقال : إنّ مؤدّى أصل البراءة ـ مثلا ـ : أنّه إذا لم يعلم حرمة شرب التتن فهو غير محرّم ، وهذا عامّ ، ومفاد الدليل

__________________

(١) في (ر): «والفرض» ، وفي (ظ) و (ه): «ولفرض».

(٢) في (ر) ، (ص) و (ظ): «الدليل».

(٣) في (ظ): «أو».

۵۰۴۱